languageFrançais

رغم جدل الصور المفبركة.. جنوب إفريقيا تسعى لتعديل قوانينها إرضاء لماسك

تسعى جنوب أفريقيا إلى تعديل "قوانين تمكين السود" التي تفرَض على المستثمرين الأجانب في قطاع الاتصالات، بهدف استيفاء شروط إيلون ماسك لتشغيل خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك".

تأتي هذه الخطوة بعد رفض إيلون ماسك الامتثال لمتطلبات الملكية المحلية التي تفرض بيع 30% من أسهم شركات الاتصالات الأجنبية لمجموعات محلية، وهو ما وصفه الملياردير الأمريكي والجنوب أفريقي الأصل بأنه "قوانين عنصرية صريحة".

وقدم وزير الاتصالات الجنوب أفريقي سوللي مالاتسي، اقتراحًا جديدًا يسمح للشركات بالاستثمار في برامج "معادلة الملكية" بدلًا من الالتزام المباشر ببيع الأسهم.

وأوضح الوزير أن هذا التعديل يهدف إلى توفير "اليقين السياسي اللازم لجذب الاستثمارات إلى قطاع الاتصالات"، وهو قطاع حيوي لتوسيع خدمات الإنترنت في المناطق الريفية التي تفتقر إلى الاتصالات التقليدية.

خلفية التوترات سياسية

وتشهد العلاقات الأمريكية-الجنوب أفريقية توتّرا خاصة بعد وصول مجموعة من المهاجرين البيض من جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة، ضمن خطة أوسع لإعادة توطينهم تقودها إدارة ترامب، في حين تنفي حكومة جنوب أفريقيا وجود اضطهاد أو ما يسمى "الإبادة البيضاء".

وتتركز الخلافات حول عدّة قوانين من بينها قانون الأراضي الجديد أو قانون نزع الملكية في جنوب أفريقيا، حيث وصفه ترامب بأنه يشكل "اضطهادا" للأقلية البيضاء الغنية في البلاد، وأمر بقطع المساعدات الأمريكية عن جنوب أفريقيا، متهما الحكومة بممارسة "تمييز عنصري" في تطبيق القانون، مستشهدا بإجراءات جنوب أفريقيا التي تشمل تقديم دعوى إبادة جماعية ضد إسرائيل في المحكمة الدولية للعدل بسبب الحرب في غزة في ديسمبر 2023.

ويخشى "أفراد مجتمع الأفريكان" أن تؤدي هذه التشريعات إلى مصادرة أراضيهم بشكل قسري، مع تأثير سلبي على ممتلكاتهم.

و"الأفريكانز" هم أحفاد المستعمرين الأوروبيين الذين حكموا جنوب أفريقيا حتى عام 1990، ويحتفظ البيض بنفوذ اقتصادي واسع، حيث يملكون نحو 70% من الأراضي، رغم أن نسبتهم لا تتجاوز 7% من السكان.

وجاء في قرار ترامب أن القانون يسمح بمصادرة ممتلكات المزارعين الأفريكانز من دون تعويض، وهو ما اعتبره "انتهاكا لحقوق الإنسان".

وتؤكد حكومة رامافوزا أن قانون الأراضي الجديد يهدف إلى تصحيح التفاوت التاريخي وتوزيع الأراضي على المجموعات المهمشة، مثل السود والنساء والأشخاص ذوي الإعاقات.

اجتماع ترامب برامافوزا

وكان إيلون ماسك قد حضر الإجتماع الذي انتظم الأسبوع الماضي بين رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض وأعرب عن استيائه من عدم قدرته على الحصول على ترخيص لمشروعه للإنترنت عبر الأقمار الصناعية (ستارلينك) في بلده الأصلي بسبب القوانين القائمة على التمكين الاقتصادي للسود (يجب على الشركات الأجنبية الراغبة في العمل في البلاد أن تدفع 30% من قيمة أي مشروع لصالح شركات مملوكة للسود).

كما لعب لعب الملياردير المولود في جنوب أفريقيا دورًا مهمًا في تضخيم مزاعم دونالد ترامب حول وجود "إبادة جماعية" ضد الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا.

وطلب ترامب من فريقه عرض مقطع فيديو يُظهر في معظمه أحد المعارضين البارزين في جنوب أفريقيا يدعى يوليوس ماليما، وهو يردد أغنية يحثّ فيها على العنف ضد المزارعين بيض البشرة.

وتضمّن الفيديو "صلبان" ادعى ترامب أنها تشير إلى موقع دُفن فيه مزارعون بيض البشرة بعد قتلهم، كما سلّم ترامب للرئيس رامافوزا نسخاً من مقالات ادعى أنها توثّق حالات عنف مستشرية تستهدف الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا. وقال "هذه مواقع دفن هنا إنها مدافن أكثر من ألف مزارع أبيض".

BBC تدحض ادعاءات ترامب

تمكّن فريق BBC لتقصي الحقائق من إثبات أنّ تلك الصلبان لا تدل على قبور حقيقية، وأن الفيديو يعود لاحتجاجات نُظّمت تنديداً بمقتل زوجين من المزارعين بيض البشرة كانا قد قُتلا رمياً بالرصاص في مزرعتهما، بعد تعرّضهما لكمين عام 2020. 

وأكّد الفريق أن الموقع لم يكن مقبرة بل نُصباً تذكارياً"، والصلبان وُضعت كـ "نصب تذكاري مؤقت" تكريماً للزوجين.

كما استطاع فريق BBC تحديد الموقع الجغرافي للفيديو، وتبيّن أنه في منطقة ضمن مقاطعة كوازولو-ناتال، بالقرب من مدينة نيوكاسل، وتُبيّن صور خدمة "غوغل ستريت فيو" الملتقطة في ماي 2023، أي بعد قرابة ثلاث سنوات من نشر الفيديو، أن الصلبان لم تعد قائمة في المكان.

كما عرض ترامب خلال "اللقاء المتوتر" مقاطع من تجمعات سياسية شارك فيها الحضور بأداء أغنية "اقتل البور"، وهو مصطلح في جنوب أفريقيا يشير إلى المزارعين من أصل أوروبي، وهي أغنية مناهضة للفصل العنصري يصفها النقاد بأنها تحث على العنف ضد المزارعين بيض البشرة.

وكانت محاكم جنوب أفريقيا قد وصفت هذه الأغنية بأنها دعوة تحض على الكراهية، إلا أن أحكاماً قضائية حديثة قضت بجواز غنائها قانونياً في التجمعات، واعتبر القضاة أنها تعبر عن وجهة نظر سياسية ولا تحرض مباشرة على العنف.

وادعى ترامب أن الذين كانوا يقودون الغناء مسؤولون وأفراد يشغلون مناصب حكومية.

الصورة المعروضة التُقطت في الكونغو !

كما عرض ترامب خلال اللقاء صورا قائلا "انظروا! هنا مواقع دفن منتشرة في كل مكان.. هؤلاء جميعهم مزارعون بيض البشرة دُفنوا"، غير أن وكالة رويترز كشفت أن الصورة لا تمت بصلة لجنوب أفريقيا، بل التُقطت في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكدت الوكالة أنّ الصورة هي فعلياً من تقرير عن قتل النساء في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مقتطفة من فيديو تابع لها جرى تصويره في مدينة غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية ويُظهر جنازة جماعية لضحايا سقطوا في اشتباكات بين الجيش ومتمردي حركة "إم 23″، ولا علاقة لها بالمزارعين أو بجنوب أفريقيا.

* وكالات

share